جمعية جود الزراعية: رؤية جديدة للزراعة العضوية في السعودية
في ظلّ تزايد الوعي بأهمية الغذاء الصحي والآمن، وتوجّه العالم نحو الاستدامة البيئية، تبرز الزراعة العضوية كخيارٍ مثاليٍ يُلبّي تطلّعات المستقبل. وفي هذا السياق، تأسّست جمعية جود الزراعية حاملةً على عاتقها مهمّةً نبيلةً تتمثّل في نشر ثقافة الزراعة العضوية في المملكة العربية السعودية، ودعم المزارعين على التحوّل نحو هذا النمط الإنتاجيّ المستدام.
لا تقتصر رؤية جمعية جود على مجرّد زيادة الإنتاج الزراعيّ، بل تتعدّى ذلك إلى بناء نظامٍ غذائيٍّ صحيٍّ متكاملٍ قائمٍ على أسسٍ علميةٍ سليمةٍ، يضمن للمستهلك السعوديّ منتجاتٍ ذات جودةٍ عاليةٍ خاليةٍ من المبيدات الكيميائية والأسمدة الصناعية. وتعمل الجمعية على تحقيق ذلك من خلال تبنيها لاستراتيجياتٍ فعّالةٍ تشمل نشر الوعي، وتقديم الدعم الفنيّ، وتشجيع البحث العلميّ في مجال الزراعة العضوية.
الزراعة العضوية في المملكة: تحدياتٌ واعدةٌ
تواجه الزراعة العضوية في المملكة العربية السعودية بعض التحديات، أبرزها ندرة المياه، وارتفاع درجات الحرارة، وقلة الوعي بين بعض المزارعين بأهمية هذا النوع من الزراعة. إلا أن الفرص المتاحة أكبر بكثير، لا سيما في ظلّ الدعم الحكوميّ المتزايد للقطاع الزراعيّ، وتوجّه المستهلكين نحو المنتجات العضوية حرصاً على صحتهم وسلامتهم.
وتعمل جمعية جود على تحويل هذه التحديات إلى فرصٍ حقيقيةٍ، وذلك من خلال توعية المزارعين بأحدث التقنيات والأساليب الزراعية التي تتناسب مع طبيعة المناخ السعوديّ، وتساعدهم على ترشيد استهلاك المياه، والحفاظ على خصوبة التربة، ومكافحة الآفات والأمراض بشكلٍ طبيعيٍّ دون استخدام المواد الكيميائية الضارة.
مهام جمعية جود في نشر ثقافة الزراعة العضوية
تُعدّ جمعية جود منصةً رائدةً تجمع بين الخبرات العلمية والتطبيقية في مجال الزراعة العضوية، وتسعى إلى تحقيق أهدافها من خلال مجموعةٍ من المهامّ، نذكر منها:
- نشر الوعي بين المزارعين والمستهلكين على حدٍّ سواء بأهمية وفوائد الزراعة العضوية، وذلك من خلال تنظيم الندوات والمؤتمرات وورش العمل، وإصدار الكتيبات والنشرات التوعوية، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعيّ بشكلٍ فعّالٍ.
- تقديم الدعم الفنيّ للمزارعين الراغبين في التحوّل نحو الزراعة العضوية، وذلك من خلال إرشادهم إلى أفضل الممارسات الزراعية، وتوفير البذور والأسمدة العضوية، وتدريبهم على أساليب التسويق والترويج للمنتجات العضوية.
- التعاون مع الجهات البحثية والعلمية داخل وخارج المملكة العربية السعودية لتطوير تقنيات الزراعة العضوية، وإجراء الدراسات والأبحاث العلمية التي تساهم في حلّ المشكلات التي تواجه المزارعين.
- العمل على توفير منصاتٍ إلكترونيةٍ وتطبيقاتٍ ذكيةٍ تُسهّل التواصل بين المزارعين والمستهلكين، وتساعد على تسويق المنتجات العضوية بشكلٍ مباشرٍ، بما يضمن حصول المستهلك على منتجاتٍ طازجةٍ وبأسعارٍ مناسبةٍ.
- المساهمة في صياغة التشريعات والقوانين الداعمة للزراعة العضوية، والعمل على إصدار شهاداتٍ مُعتمدةٍ تضمن جودة المنتجات العضوية ومطابقتها للمواصفات العالمية.
وتؤمن جمعية جود بأنّ تحقيق أهدافها النبيلة يتطلّب تضافر جهود جميع أفراد المجتمع، بدءاً من المزارع البسيط، مروراً بالمستهلك الواعي، وانتهاءً بصانع القرار.
أهمية الزراعة العضوية للتنمية المستدامة
لا تقتصر أهمية الزراعة العضوية على الجانب الصحيّ فحسب، بل تتعدّى ذلك إلى المساهمة الفعّالة في تحقيق التنمية المستدامة، وذلك من خلال:
- الحفاظ على الموارد المائية: تعتمد الزراعة العضوية على ترشيد استهلاك المياه، واستخدام تقنيات الري الحديثة التي تقلل من الفاقد، وتساهم في الحفاظ على المخزون المائيّ الاستراتيجيّ للمملكة.
- حماية التربة من التدهور: تُحافظ الزراعة العضوية على خصوبة التربة وتحسّن من بنيتها، وذلك من خلال استخدام الأسمدة العضوية، وتقليل استخدام الآلات الثقيلة التي تُؤدي إلى تدهور التربة وتعرّضها للانجراف.
- الحدّ من التلوّث البيئيّ: تساهم الزراعة العضوية في الحدّ من تلوّث المياه والهواء والتربة الناتج عن استخدام المبيدات الكيميائية والأسمدة الصناعية، وبالتالي الحفاظ على البيئة وصحة الإنسان.
- تحسين دخل المزارعين: تُساهم الزراعة العضوية في تحسين دخل المزارعين من خلال زيادة الطلب على المنتجات العضوية، وارتفاع أسعارها مقارنةً بالمنتجات التقليدية.
- تعزيز الأمن الغذائيّ: تُساهم الزراعة العضوية في تعزيز الأمن الغذائيّ للمملكة من خلال زيادة الإنتاج الزراعيّ، وتوفير منتجاتٍ غذائيةٍ صحيةٍ وآمنةٍ للسكان.
جمعية جود الزراعية والصحة العامة: علاقةٌ وثيقةٌ
تُدرك جمعية جود الزراعية العلاقة الوثيقة بين الغذاء والصحة، وتؤمن بأنّ توفير غذاءٍ صحيٍّ وآمنٍ هو ركيزةٌ أساسيةٌ لبناء مجتمعٍ سليمٍ ومنتجٍ. وتُشدّد الجمعية على أنّ الزراعة العضوية هي الحلّ الأمثل لتوفير هذا الغذاء، لما تتميّز به من خصائص فريدةٍ، أبرزها:
- خلوّها من المبيدات الكيميائية: تُعدّ المبيدات الكيميائية من أبرز مسبّبات الأمراض الخطيرة، مثل السرطان، والأمراض التنفسية، واضطرابات الجهاز العصبيّ. وتُساهم الزراعة العضوية في توفير منتجاتٍ غذائيةٍ خاليةٍ من هذه المبيدات، وبالتالي الحفاظ على صحة الإنسان.
- غناها بالعناصر الغذائية: أثبتت الدراسات العلمية أنّ المنتجات العضوية تحتوي على نسبةٍ أعلى من الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة، مقارنةً بالمنتجات التقليدية، وذلك يعود إلى استخدام الأسمدة العضوية، وعدم استخدام المبيدات الكيميائية التي تُؤثّر على قيمة المنتج الغذائية.
- نكهتها الطبيعية: تتميّز المنتجات العضوية بنكهتها الطبيعية اللذيذة، وذلك يعود إلى استخدام أساليب الزراعة الطبيعية التي تُحافظ على طعم الغذاء الأصليّ.
أهداف جمعية جود للزراعة العضوية
تسعى جمعية جود الزراعية إلى تحقيق العديد من الأهداف الطموحة، من أهمّها:
- زيادة نسبة الأراضي المزروعة زراعةً عضويةً في المملكة العربية السعودية إلى 10% خلال العقد القادم.
- توفير منتجاتٍ عضويةٍ بأسعارٍ مناسبةٍ لجميع فئات المجتمع.
- تحويل المملكة العربية السعودية إلى مركزٍ إقليميٍّ رائدٍ في مجال الزراعة العضوية.
وتعمل جمعية جود على تحقيق هذه الأهداف من خلال التعاون مع جميع الجهات المعنية، الحكومية والخاصة على حدٍّ سواء.
الخاتمة: تُشكّل جمعية جود الزراعية نموذجاً مُلهماً للعمل الجادّ والهادف إلى نشر ثقافة الزراعة العضوية في المملكة العربية السعودية. وإنّ ما تقوم به الجمعية من جهودٍ مُباركةٍ يُساهم بشكلٍ فعّالٍ في تحقيق التنمية المستدامة، وتوفير غذاءٍ صحيٍّ وآمنٍ لأجيالنا القادمة.